آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 29 يوليو 2025 - 08:00 ص

مقالات


حضرموت على صفيح ساخن والغضب الشعبي يطرق أبواب الوطن

الثلاثاء - 29 يوليو 2025 - الساعة 08:00 ص

الكاتب: دكتور/ قاسم الهارش - ارشيف الكاتب




تشهد محافظة حضرموت اليوم مرحلة دقيقة وحساسة قد تكون مفصلية في تاريخها الحديث في ظل تصاعد التوتر الشعبي والاحتجاجات نتيجة التدهور المستمر في الأوضاع المعيشية والخدمية وغياب الاستجابة الجادة من الجهات الرسمية.
أن ما يجري في حضرموت لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق العام للأزمة اليمنية الممتدة منذ أكثر من عقد من الزمن فالتراكمات التي راكمها الفشل الإداري والفساد والتهميش قد أوصلت المواطن إلى حالة من الإحباط وانعدام الثقة ليس فقط في الحكومات المتعاقبة بل في فكرة الدولة نفسها ولم تعد الشعارات والوعود قادرة على إقناع الشارع الذي بات يرى أن زمن الانتظار قد انتهى.
اليوم لا تبدو التحركات في الشارع الحضرمي مجرد رد فعل عابر على أزمة وقود أو انقطاع كهرباء بل هي تعبير واضح عن تراكم طويل للغضب قابل للانفجار في أي لحظة والخطورة لا تكمن فقط في نطاق هذا الغضب بل في إمكانية تمدده إلى محافظات أخرى تشهد ظروفا مشابهة بل أحيانا أسوأ.
لقد علمتنا تجارب الربيع العربي أن شرارة واحدة كفيلة باشعال هشيم الغضب الشعبي إذا لم يسارع إلى معالجته بحكمة وجدية وكما أن تلك الثورات التي بدأت تحت شعارات الإصلاحات والعدالة تحولت في بعض الدول إلى دوامات من الفوضى والانقسام فإن التراخي أو التعاطي الارتجالي مع المشهد في حضرموت اليوم قد يقود إلى مسار لا يريده أحد.
المواطنون في حضرموت كما في سائر مناطق المحررة لم يطلبوا المستحيل بل جل ما يطالبون به هو الحد الأدنى من الخدمات واحترام كرامتهم والوفاء بالحقوق التي كفلها لهم القانون والدستور. ولكنهم في المقابل يواجهون صمتا رسميا وتجاهلا لا يليق بدولة تدعي الشرعية وتمثيل مصالح الناس.
المطلوب اليوم ليس بيانات تهدئة أو وعودا جديدة تضاف إلى أرشيف الإخفاقات بل قرارات عملية جريئة ومسؤولة. المطلوب من القيادة السياسية أن تستشعر خطورة اللحظة وتبادر بإصلاحات حقيقة يعيد للناس ثقتهم ويوقف هذا التدهور الذي لم يعد يطاق.
إن حضرموت لا يجب أن تترك وحدها في هذا المنعطف كما أن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني بالضرورة تكرار مشاهد الفوضى التي دفع الشعب أثمانها الغالية ولا يزالون. فالفرصة ما زالت قائمة والوقت لم ينفد بعد لكن النافذة تضيق وصوت الشارع يزداد ارتفاعا وصبر الناس يشارف على النهاية.

هل تدرك الحكومة ذلك؟ وهل تفعل ما ينبغي قبل أن يفوت الأوان؟