آخر تحديث للموقع : الإثنين - 07 أكتوبر 2024 - 11:52 م

مقالات


ثورة فبراير.. ذكريات الماضي وأوجاع الحاضر والمستقبل الغامض

الجمعة - 10 فبراير 2023 - الساعة 06:52 م

الكاتب: خالد شرفان - ارشيف الكاتب


يحتفل الشباب العربي في كلًا من تونس ومصر وليبيا واليمن في شهر فبراير من كل عام بثورة تصحيحية شعبية كبيرة وواسعة، في العادة توقد فيها شعلة الثورة وتُطلق الألعاب النارية وترتفع فيها أصوتًا لإغانٍ ثورية خلدتها هذه المناسبة يومًا ما، ففي اليمن وما إدراك ما اليمن فقد أتته رياح التغيير فأبدلت وبدّلت وطمست الملامح الرئيسية والفرعية للبلد والذي يومًا كان يعيش بعيشٍ هانئ ورغيد وياتيه رزقه من كل مكان حتى قبيل أعاصير التغيير الوهمية، ومن أبرز تلك الشعارات الجديد القديمة آنذاك المطالبة بأسقاط النظام وخلع كل من يحمل المسؤولية ابتدأ من رئيس الدولة وانتهاًء بمدير دائرة عادية، بعض الوزراء والسفراء والمدراء سبقوا الحدث وقدموا استقالتهم وسارعوا طواعية طمعًا بحاجات في نفوسهم، لندخل مرحلة وغياهب اللانظام واللاوعي واللاعودة والولوج للفوضى العارمة، فمنذ ذلك الحين والأزمات تتخبطنا وتلاحقنا من كل حدبًا وصوب ومن كل ناحية وجانب.

شحن ثوري لانظير له تعرضت له تلك الشعوب العربية حتى اصبحت موضة الجميع حابب ولديه الرغبة في تجريبها غير آبهٍ بنتائجها العكسية ليتنبه ويتدارك خطئه ومن تلك الشعوب التي تعرضت لذلك الشعب المصري، فعمدوا على إنشاء ثورة مضادة اسقطوا من خلالها على المخطط الذي غرس أصلًا لتدمير البلدان العربية لتلحقها في ذلك تونس وتتدارك الأمر، أما سوريا فقد دافعت حتى اليوم بالغالي والنفيس ولم تدع مجال للفوضى (الخلاقة)، لتغرق وتتوه ليبيا قليلًا واليمن كثيرًا لتدخل في حروب أهلية وتشطيرية وأزمات ونكبات اقتصادية واجتماعية وسياسية وصلت نتائجها العكسية على كل بيت ودفع ضريبتها كل فرد حتى الساعة.

ليس دفاعًا عن النظام السابق فالجميع يعلم ظلمه وجبروته وطغيانه وبطشه ولا أغطي تلك العيوب والذنوب بغربال ولكن لاتقارن كل تلك الإخفاقات أطلاقًا بما نحن فيه خاصة بعد مضي أكثر من اثنى عشر عام والتي ادعى مستوردوها يومًا بأن ثورتهم كفيلة بالقضاء على كل تلك الإخفاقات والقصور والتي كان يسلكها النظام السابق، ولكن للأسف ليت الذي كان ماكان، كل شيء لم يكن على حاله تضاعفت أعدادًا وأحجامًا وألوانًا فالقهر والذل والبؤس والهوان زاد أكثر من ذي قبل.

أن المؤلم بالموضوع أن من أقاموا وحرّضوا على الثورة يومًا يعيشون حاليًا وعائلاتهم في أفخم القصور بالخارج تاركين الشعب العاطفي المكلوم المغلوب على أمره يصارع اقداره وحده دون شريك.

من دون سابق وعيد كنت أتابع محطات الأخبار حتى وقفت ومصادفة على إحدى القنوات الفضائية اليمنية المحسوبة على شباب الثورة الشبابية الشعبية السلمية في اليمن والتي تبث من تركيا وهم يعرضون فيديوهات لإغانٍ زامنت فترة الزخم الثوري والمشي حفاة مرددين ورافعين شعارات منها (يسقط حكم العسكر، ويسقط النظام) وتذكرت ورأيت الحماس على وجوه المتظاهرين المساكين الذين تم خداعهم وانطلت عليهم اللعبة بغدٍ أفضل أكثر مما هم فيه، ولو علموا ماسيحدث بعد ذلك لما خرجوا بل على النقيض لوقفوا بالمرصاد لكل من يساهم بشكل أو بآخر في دخولهم ودخولنا في دوامة حيص بيص والمعمعة التي نحن فيها، أما الآن وبعد أن حلّت علينا جميعًا "لعنات توت عنخ آمون" وشابت وجوه الثوّار ونحتت التجاعيد المبكرة جباههم مكونة أخاديد وأغوار، واحدودبب ظهورهم وهم بعمر الشباب كان لابد منهم أن يسلموا بالأمر الواقع وبعترافوا بأنهم تم خداعهم ونصبت لهم شباك الخديعة ووقعوا فريسة سهلة جدًا لمن ادعى الوطنية والوطنية منه براء.

في الحقيقة يسمى ربيعًا ولكن ليس له من اسمه شيء، ففيه ازدادت حاجة الفقراء وزاد فقرهم وزاد الجهل وزادت فيه حالة البطالة بين الشباب وانعدام تام لأبسط الأعمال وهبوط مدوي للعملة الوطنية وارتفاع الأسعار والمشتقات النفطية بشكل كبير وجنوني وانعدام الأمن وغياب للدولة في بسط سيطرتها الكاملة على كل أجزاء اليمن لتحل محلها قمع المظاهرات السلمية وتكميم للافواه بمناطق تواجد الحوثي، وتجنيد للاطفال والتهجير القسري والاعتقال والقتل والنزوح والتشريد لمئات الآلاف من المواطنين وتحت أنظار المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والحقوقية لتبق أحلام مبعثرة وامنيات ملغمة.

واخيرًا يبقى السؤال ماذا استفدنا إذن من الربيع! فالحال ازداد سوءا أكثر مما كان عليه قبل 2010م المرضى النفسانيين ازدادووا عددًا وعدة وحالات الانتحار والطلاق تضاعفت والأوبئة والجوائح كانت أكثر ضراوة وغيرها الكثير، أنه من المُعيب مغالطة و إيهام الناس بأن الثورة نجحت وبالعلامة الكاملة والنادرة وأننا نرفل في نعيم ربيع محمد البوعزيزي، وأنتم قد وليتم مدبرين خارج أسوار وحدود البلد، لا يمكن لليمني الغلبان تقبّل شيء اسمه ربيع الفردوس أو ثورة او عيد فبرايري ولازال السواد من الناس يتمنوا العودة يومًا واحد لما قبل 2010.

لك الحمدُ إنّي حزينٌ حزينْ
‏وجرحي يُلوّنُ دربَ المدى

‏ولولا الهُدى، ربَّنا، واليقينْ
‏لضاعتْ زهورُ الجراحِ سُدى