المذكرة (31)
غالباً ما تتسم المواقف الدبلوماسية بالمجاملة والمراوغة بين الدول، وهذا ما سنتطرق إليه في سياق وجهة نظرنا الآتية:
1. بعد نيل استقلال جنوب اليمن في (30) نوفمبر (1967م) شكلت أول حكومة وليدة من الجبهة القومية عندها. شعرت القوى السياسية على نطاق اليمن عمومًا شماله وجنوبه بخيبة أمل.
فصنعاء التي لها علاقة حميمة مع الأحزاب والمنظمات السياسية والعمالية كافة، أصيبت بخيبة الأمل لانفراد الجبهة القومية بالسلطة، وكان من الحكمة أن تُشكَّل حكومة ائتلاف وطني، تضمن لهذه الحكومة الوليدة الأمن والاستقرار والتعايش مع دول الجوار.
2. إن البرقيات والرسائل المتبادلة بين السلطتين في كل من (صنعاء) و(عدن) عامي (68-69م)، يستطيع القارئ الكريم تحليل ما تطرقت إليه تلك الرسائل والبرقيات في ظل مد وجزر متلاطم، جعل السلطة الوليدة في (عدن)، غير قادرة على رسم أجندة سياسية متكاملة، بعد أن برزت إلى الواقع ظاهرتان معیقتان:
الأولى: القوى السياسية التي حُرِمت من نصيبها في السلطة، والتي اتخذت من شمال اليمن مقراً لها، وكانت السلطة في (صنعاء)، تدعمها في مطالبها التي تعدُّها شرعية، ومعها دول عربية وأوروبية غربية وأمريكا.
الثانية: القوى اليسارية المتطرفة التي انتهجت أفكاراً نمطية (راديكالية)، في ظل واقع لا يتواكب مع هذا النهج بعد نيل الاستقلال مباشرة وبصورة أكثر دقة، فإن القوى اليسارية المتطرفة ليس لها غاية غير الوصول إلى السلطة، بعيداً عن خدمة المواطن والوطن الأم.
وهذا ما أكدته وقائع الأحداث التي رافقت السنوات اللاحقة، وما انتجته من عنف دموي مدمر، راح ضحيته عشرات الآلاف من الأبرياء، أغلبهم من المواطنين.
تنبيهٌ: سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية تأخذُ لُبَّ الكلامِ من مُذكّرات اللواء المتقاعد / محمد قاسم بن عليو ، الذي وثَّق سيرته النضالية قبل رحيله عن الدنيا ووثَّق تاريخ الجنوب وأهم أحداثه التي عاشها وعايشها وشارك فيها منذ عام 1952 حتى عام 1990م، وأعادت غرفة الدراسات والبحوث لمركز شمسان للصحافة صياغة المذكراتِ بعباراتٍ موجزةٍ تتوافقُ مع مضمون النص الأصلي للمذكرات.