آخر تحديث للموقع : الإثنين - 22 أبريل 2024 - 09:46 م

حصري..

سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية - أحداث مايو 1967م عملية قصف مطار عدن

السبت - 25 مارس 2023 - الساعة 01:35 ص بتوقيت اليمن ،،،

غرفة الدراسات والأبحاث بمركز شمسان للصحافة

المذكرة (7)

في أحد أيام شهر مايو من عام (1967م)، وصلت قافلة عسكرية من حامية الضالع إلى معسكر like line (ليك لين) - سابقاً - معسكر الشهيد عبد القوي فيما بعد.

كانت الساعة تقريباً الخامسة بعد العصر وكان النقيب عبد القوي عبد الله أحد قياديي تنظيم الجبهة القومية في الجيش، قد وصل مع القافلة، وأحضر معه سيارة (لاندروفر)، تحمل إذاعة محلية، وذخائر بازوكة (آر بي جي). وسيارة أخرى (بيد فورد) تحمل مدفعين عيار (81 ملم)، وعدداً من القذائف.

كانت هذه المواد العسكرية، متطلبات مخطط رجال الجبهة القومية لغرض قصف المطار الخاضع للسيطرة البريطانية.

وكان من ضمن هذه المواد ألغام جاهزة للتفجير عن بعد، بوساطة أجهزة تحكم.

أبلغني الأخ النقيب عبد القوي أن الأخ عبد الله الخامري قد كلفني أنا الرائد محمد قاسم بن عليو [صاحب المذكرات] بمهمة إخراج السيارتين المحملتين بالأسلحة والذخائر من داخل معسكر (lake line) إلى بيوت المتزوجين من أفراد الشرطة وتسليمهم المدافع والذخائر والألغام.

وفي مساء ذلك اليوم نفسه جاءني الأخ عبد الله الخامري، وقال لي: إن مجموعة من أفراد الشرطة، سيكونون في انتظاري الساعة السابعة صباحا. وأضاف قائلًا لي: "أما الإذاعة المحلية وقذائف البازوكا (آر بي جي) فسلمها لرجلين ينتظرانك عند محطة البترول في منطقة دار سعد، وكلمة السر هي (….)".

وحسب الميعاد المتفق عليه في اليوم التالي، خرجت من المعسكر إلى بيوت المتزوجين من أفراد الشرطة، مقابل مدرسة (30) نوفمبر في الشيخ عثمان. أدخلت السيارة إلى حوش بيوت المتزوجين، فإذا الأفراد الذين سيشاركون في المهمة جاهزون، فصعدوا على السيارة. وكان هناك أناس آخرون يتسلمون المعدات وينزلونها بسرعة البرق، من دون أن يراهم أحد أو يثيروا شبهة.

بعدها توجَّهتُ ويرافقني سائقي الشخصي صائل مثنى محلاي بسيارتي نوع (لاندرو فر) إلى محطة البترول في دار سعد. وقبلها كنا قد مررنا بنقطة تفتيش فيها جنود بريطانيون، لكنهم لم يعترضوا سبيل السيارة، ولأنها عسكرية لم يرتابوا في أمرها، ووصلنا إلى المحطة. قلتُ للرجلين اللذين عرفت أنهما المكلفان بالمهمة: كلمة السر (...)، فردّا عليّ … وقادا سيارتهما، ونحن في سيارتنا نسير خلفهما، حتى وصلنا إلى أطراف مدينة دار سعد من ناحية الغرب. فإذا بالرجلان يوقفان سيارتهما عند أحد المنازل .. خرج من ذلك المنزل رجلان آخران ساعداهما في إنزال الإذاعة المحلية وقذائف البازوكا ( آر بي جي).

وبعد انتهاء المهمة، عدنا إلى المعسكر من دون أن يعلم بأمرنا أحد، خصوصاً من أفراد الاستخبارات البريطانية.

كانت المهمات الفدائية تكتنفها السرية التامة إلى حد يصل إلى عدم معرفتك باسم شريكك، أو الشخص الذي سوف تسلّمه شيئاً، له علاقة بالعمليات الفدائية، أو أن هذه المواد التي سوف تنقلها أو تسلمها أو تحفظها، لأي علمية سوف تُستخدَم، أو متى، أو أين، أو ضد من؟. وهو الأمر الذي حقق نجاحات فاجأت القيادة الإنجليزية.

لذلك ليس مستغرباً - وأنا اكتب مذكراتي هذه بكل صدق ومهنية - القول إني إلى وقت كتابة مذكراتي هذه، لم أعرف أسماء المجموعة التي استلمت المدافع والذخائر والألغام، كذا لا أعرف أسماء المجموعة الأخرى، التي تكفلت بمهمة نقل واستلام الإذاعة المحلية، وقذائف البازوكا.

نجاح عملية قصف المطار

في حوالي الساعة الرابعة والنصف من عصر ذلك اليوم الذي سُلِّمت فيه المدافع والذخائر، لمجاميع من فدائيي الجبهة القومية، سُمِع دوي انفجارات قوية هزّت أرجاء مدينة خور مكسر. وما هي إلّا لحظات، حتى انتشر رجال الجيش البريطاني، يُطوِّقون معظم الشوارع المتاخمة للمطار، ويضعون المتاريس، ويُشكِّلون نقاط تفتيش عسكرية. كما شوهدت عربات الإطفاء والشرطة تهرع إلى موقع منطقة (الدرين).

ذُهِلت المخابرات البريطانية لهول الحادث، بل إنها أصيبت في كبريائها؛ إذ كيف دخلت المدافع؟ وكيف خرجت من دون أن يتمكن رجال المخابرات البريطانية من رصدها، وكيف اجتازت نقاط التفتيش المنتشرة في أرجاء مدينة عدن وخارجها.

وظلت الأسئلة أين؟ وكيف؟ ومتى؟ وغيرها، تُشكِّل هاجساً
يؤرق المخابرات البريطانية.

ولو كانوا علموا حينها، أن هناك تنظيماً سرياً من ضباط الجيش والأمن وأفرادهما منضمون إلى تنظيم الجبهة القومية، يشتركون في تنفيذ المهمات ذات الخطورة العالية، يُشكِّلون ساتراً واقياً لبقية أفراد الفداء من تنظيم الجبهة القومية؛ لقامت بريطانيا على الفور بمحاكمة كل من تشك في انتمائهم إلى التنظيم السري، ولنُفِّذت أقصى العقوبات فيهم من دون رحمة.

تنبيه: سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية تأخذُ لُبَّ الكلامِ من مُذكّرات اللواء المتقاعد / محمد قاسم بن عليو اليافعي ، الذي وثَّق سيرته النضالية قبل رحيله عن الدنيا ووثَّق تاريخ الجنوب وأهم أحداثه التي عاشها وعايشها وشارك فيها منذ عام 1952 حتى عام 1990م، وأعادت غرفة الدراسات والبحوث لمركز شمسان للصحافة صياغة المذكراتِ بعباراتٍ موجزةٍ تتوافقُ مع مضمون النص الأصلي للمذكرات.




متعلقات