آخر تحديث للموقع : الإثنين - 22 أبريل 2024 - 09:46 م

الأهداف السامية والأحداث الدامية - يوم التصعيد (20 يونيو 1967م) هكذا جرت أحداث هذا اليوم ..!!

الإثنين - 22 مايو 2023 - الساعة 11:05 م بتوقيت اليمن ،،،

غرفة الدراسات والأبحاث بمركز شمسان للصحافة

في صبيحة يوم 20 يونيو 1967م، كان الكل متأهبين لتنفيذ قرارات اجتماع اليوم السابق في معسكر (ليك لاين) (الشهيد عبد القوي فيما بعد)، قمت أنا الرائد محمد قاسم بن عليو [صاحب المذكرات]، في الساعة السادسة والنصف صباحاً بإشعار جميع قادة الوحدات العاملة هناك بالالتزام والبقاء في مكاتبهم، والاعتصام عن تأدية أي عمل حتى تتم عودة جميع الضباط والقادة المفصولين إلى مناصبهم.

وفي الساعة السابعة صباحًا، خرجت تظاهرة طلابية من جناح الثقافة والموسيقى صوب الباب الرئيس للمعسكر. حاول النقيب/ علي ناصر بريك وضابطان آخران منع وصول الطلبة إلى باب المعسكر، فما كان مني ومعي أحد ضباط سلاح الدروع إلا أن قلنا للنقيب/ علي ناصر بريك ومن معه من ضباط: اتركوا الطلبة في سبيلهم. وفعلاً وصل الطلبة إلى مركز حراسة المعسكر، وأطلقوا سراح (24) سجيناً من سجن المعسكر كانوا مسجونين لأسباب جنائية.
بعد ذلك عاد الطلاب المتظاهرون إلى مستودعات الموسيقى، وإلى جناح الثقافة وأضرموا فيها النيران، وبسرعة مذهلة، إذا بمدينة الشيخ عثمان، ومدينة المنصورة تُعلنان غير مكبرات صوت مساجدهما الثورة على الاحتلال، وإذا بالشوارع تمتلئ بجماهير غفيرة من المواطنين الغاضبين والمتعاطفين والمتضامنين مع الضباط الوطنيين الذين أمر قائد الجيش بفصلهم، وقام المواطنون بإحراق إطارات السيارات في الشوارع، وأطلقوا الأعيرة النارية في الهواء.

واستمراراً للأحداث العسكرية في ذلك اليوم، وعلى وجه الخصوص في مدينة خور مكسر، حاولت سيارة عسكرية نوع ( بيد فورد) محملة بالجنود الإنجليز، التوجه إلى مدينة الشيخ عثمان، وحين خرجت من معسكر ردفان تصدّى لها الضباط والجنود الوطنيون، ودارت معركة حامية الوطيس، كان ذلك حوالي الساعة الثامنة صباحًا. حيث قُتِل في هذه المعركة أحد رجال الأمن وجرح آخر، ومن جانب القوات الإنجليزية، فقد قُتِلَ وجُرِحَ أكثر من (02) جندياً وضابطاً، في كل من معسكر (شامبيون وآرم پولیس) فاضطرت السيارة التي كانت خارجة لقمع الانتفاضة في معسكر (ليك لاين) إلى الانسحاب، وعادت أدراجها من حيث أتت.

وفي معسكر (آرم بوليس) (20 يونيو فيما بعد) تمرد الجنود والضباط اليمنيون، واستولوا على المعسكر، بما في ذلك خزائن السلاح التي فُتِحت أيضاً للثوار والمواطنين. وبدأت معركة عنيفة في مدينة ( كريتر ) بين الجنود والضباط اليمنيين والثوار من جهة، والجنود والضباط الإنجليز من جهة أخرى، وكانت أقوى المعارك واكثرها شراسة، واتساعاً. وقد كُلِّلَت الشرارة التي انطلقت من معسكر (آرم بوليس) بسيطرة الثوار على مدينة (كريتر) وانتقال المعارك إلى أطرافها، خصوصاً مداخل المدينة، بعد أن انسحبت جميع نقاط الحراسة الإنجليزية من المدينة. كما تم متابعة وملاحقة من تبقى من جنود الجيش الإنجليزي في شوارعها.

وفي ذلك اليوم أحكم الثوار من مدنيين وعسكريين قبضتهم على المدينة، ولمدة (16) يوماً كاملة. عجز فيها الجيش البريطاني عن اقتحامها، بسبب تماسك المواطنين، وبسالة جميع الثوار والدعم غير المحدود من الجيش والأمن والمواطنين في أحياء عدن الأخرى كافة.

لقد وُضِعت معظم وحدات الجيش - بما في ذلك المدرعات - في حالة استنفار قصوى صبيحة يوم 20 يونيو 1967م. بيد أن النجاح العظيم ، حدث في مدينة (كريتر). حيث تحول التمرد العسكري إلى انتفاضة شعبية عارمة شملت جميع أحياء مدينة عدن، إلا أن مدينة (كريتر ) تميزت بالإبقاء على زخم الانتفاضة الشعبية العارمة، لمدة تعدت الأسبوعين؛ لأن الجيش والأمن المواليين للثوار قاما بتسهيل توزيع الأسلحة على الثوار والمواطنين؛ مما هزّ أركان ومعنويات الوجود العسكري البريطاني في المناطق الجنوبية المحتلة من اليمن.

وفي أثناء أحداث انتفاضة (20 يونيو 1967م)، كان يتم إبلاغ الوحدات العسكرية الريفية كافة عن سير الأحداث في عدن، أولاً فأوّل، وطُلِبَ منها البقاء على أهبة الاستعداد في مواقعها، حتى إشعار آخر، ورغم هذا الإشعار، فقد تحركت الكتيبة الأولى بقيادة المقدم / ناجي عبد القوي محلاي، من المسيمير إلى مفرق الطريق في العند، لقطع الطريق على أي قوة مضادة، قد تأتي من الحبيلين أو الضالع، كما تحركت الكتيبة الرابعة من العند إلى (بئر ناصر ) بقيادة المقدم / سالم عبد الله العبدلي، ولَمْ تبرح الكتيبتان مواقعهما، إلا بعد أن ألغي قرار طرد الضباط الوطنيين.

وزير الدفاع في حكومة (اتحاد الجنوب العربي) الموالية لبريطانيا، السلطان فضل بن علي، عند إدراكه نجاح الانتفاضة، وخطورتها على الوضع العام، استدعى العقداء الآتية أسماوهم:

العقيد / محمد سعيد شنطور.
العقيد / أحمد محمد بن عرب.
العقيد / حسين عثمان عشّال.
العقيد / حيدر صالح الشريف.

وقد تم استدعاؤهم إلى مبنى وزارة الدفاع في مدينة الشعب، وهي ما كان يُعرَف سابقاً باسم (مدينة الاتحاد)، وعند حضورهم، أبلغهم وزير الدفاع بإلغاء قرار طرد الضباط والقادة الوطنيين، الذين وجّهوا مذكرة الاحتجاج ضد قائد الجيش إلى المندوب السامي، وكلّفهم بالتوجه الفوري، لتهدئة الموقف المتفجر في الوحدات العسكرية، الذي سبّبه قرار قائد الجيش، وكان قرار التكليف على النحو الآتي:

العقيد
/ حسين عثمان عشّال، إلى المنطقة الوسطى.
العقيد / أحمد محمد بن عرب، إلى المنطقة الشرقية.
العقيد / حيدر صالح الشريف، إلى معسكر (شامبيون) وإلى معسكر الشرطة المسلحة في مدينة (كريتر ) آرم بوليس.
العقيد / محمد سعيد شنظور، إلى بئر ناصر؛ لعودة الكتيبة الرابعة إلى حاميتها في العند، والاتصال بالكتيبة الأولى لتعود إلى حاميتها في المسيمير.

إن إلغاء قرار قائد الجيش القاضي بطرد كبار القادة الوطنيين من الجيش، عزّز من ثقل ثورة 14 أكتوبر 1963م المسلحة، كما أوصل القادة البريطانيين في شرق السويس إلى قناعة تامة، بأن ردود فعل ما قامت به بريطانيا ضد مصر، وثورة (26) سبتمبر، كان لها نتائج عكسية، أضرّت بمصالح بريطانيا في المنطقة. ولا بد من إعادة النظر في استراتيجية السياسة البريطانية في شرق السويس. ولقد عَدَّ الساسة البريطانيون تلك الردود العكسية، بداية النهاية للوجود البريطاني في الجنوب اليمني المحتل.

تنبيهٌ: سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية تأخذُ لُبَّ الكلامِ من مُذكّرات اللواء المتقاعد / محمد قاسم بن عليو اليافعي ، الذي وثَّق سيرته النضالية قبل رحيله عن الدنيا ووثَّق تاريخ الجنوب وأهم أحداثه التي عاشها وعايشها وشارك فيها منذ عام 1952 حتى عام 1990م، وأعادت غرفة الدراسات والبحوث لمركز شمسان للصحافة صياغة المذكراتِ بعباراتٍ موجزةٍ تتوافقُ مع مضمون النص الأصلي للمذكرات.




متعلقات