آخر تحديث للموقع : السبت - 27 أبريل 2024 - 11:29 م

من مُذكّرات اللواء / محمد قاسم بن عليو..

معارك شرسة بين دعاة الوحدة الوطنية وحكومة الجبهة القومية

الخميس - 14 ديسمبر 2023 - الساعة 09:29 ص بتوقيت اليمن ،،،

غرفة البحوث و الدراسات لمركز شمسان للصحافة

المذكرة (28)

في ليل (27-28) يوليو (1968م) قُصِفت معسكرات عتق والصعيد من قبل أبناء العوالق الموالين لدعاة الوحدة الوطنية، بالمدافع الثقيلة.


قُتِل ما لا يقل عن ستة جنود من الجيش والأمن، وأصيب أكثر من عشرين جندياً وضابطاً، وكانت إصابات بعضهم خطيرة.

كانت المعارك على مختلف الجبهات ملتهبة، أما على جبهة ردفان، فقد حرکت قيادتا الجيش والأمن سريتين من الجيش وسرية من الأمن، جميعها مشاة، والمئات من القطاع الفدائي والحرس الشعبي، مع سلاح الإسناد، إلى منطقة (ردفان)، وعند وصول هذه القوات إلى القرب من سيلة (بلة) وجدوا أن قوات دعاة الوحدة الوطنية قد تركتها، وفروا هاربين فواصلت هذه القوات سيرها، حتى وصلت إلى حامية (الحبيلين)، كما تحركت في الوقت نفسه سرية مشاة من الجيش، وأخرى من الأمن العام والمئات من الحرس الشعبي والقطاع الفدائي إلى منطقتي (المسيمير وكرش).

سير المعارك وتقارير العمليات الميدانية

في تاريخ 29-30 يوليو 1968م أفادت تقارير العمليات الميدانية أن الوضع العسكري، وتحديداً في منطقة العوالق ساخن، وأنه إلى ازدياد، وأن المعارك بين الطرفين تزداد ضراوة، خصوصاً في ظل استخدام الفريقين مختلف الأسلحة، وبالذات في حامية (عنق)، وجبل (السوداء)، كما أكدت تلك التقارير، سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى من الفريقين كليهما، يوميا.

وفي تاريخ (31) يوليو 1968م تحركت القوات المشتركة بقيادة المقدم علي عبد الله ميسري، والمقدم أحمد محمد بلعيد، بعد أن استكملت جميع التجهيزات والاستعدادات والتدريبات، وغيرها مما يلزم لدخول المعارك، فالمقدم علي عبد الله ميسري، تحرك بقواته من ( عدن) إلى (الصعيد)؛ لفك الحصار عن قوات الأمن والسيطرة على مدينة الصعيد وما حولها.

أما المقدم أحمد محمد بلعيد، فقد تحرك بقواته من (بيحان) ثم (عتق) لفك الحصار عن حامية (عتق)، ومن ثم التوجه إلى (الصعيد) لتلتقي القوتان هناك، وكان التواصل بين القوات المشتركة يتم على مدار (24) ساعة.

ظل الوضع العسكري في ساحات القتال ساخنًا إلى درجة الغليان، وزادت قوات دعاة الوحدة الوطنية من قصفها المدفعي من مواقعها فوق جبل (السوداء) على القوات المشتركة، خصوصاً قوات الجيش في حامية (عتق)، ما اضطر قائد الحامية الجديد لطلب النجدة من قيادة الجيش بأن ترسل طائرات مقاتلات لقصف مواقع مدافع العدو المتمركزة في جبل (السوداء).

في يومي (1-2) أغسطس 1968م، كانت قد وصلت تعزيزات عسكرية وإمدادات ومؤن من حامية (بيحان) إلى (عتق)، استعداداً للمعركة الفاصلة.

وفي يوم ( 3 أغسطس 1968) ، تحركت في جنح الظلام، قوات من الجيش والأمن والحرس الشعبي والفدائيين، تدعمهم أسلحة الإسناد، صوب جبل ( السوداء ) ، وكان هذا التحرك بقيادة المقدم أحمد محمد بلعيد.

بدأ القصف المدفعي في الساعة الرابعة فجرا من ذلك اليوم، مستهدفًا مواقع العدو ومدافعه، ودارت معركة بين الفريقين بالغة الضراوة، وكانت خطة الهجوم على جبل (السوداء) قد رسمت على أساس مهاجمته من ثلاثة اتجاهات على النحو الآتي: - قوة تهاجم من الشرق، وقوة أخرى من الجنوب، وقوة ثالثة من الشمال، على أن تظل الجبهة الغربية مفتوحة، حيث لا يمكن للعدو اللجوء إليها؛ فهي ليست مكاناً آمناً للهرب، بل للوقوع في الأسر، وهكذا تكون خطة الهجوم قد أُحكِمت .

وفعلاً قامت قوات الحكومة بتنفيذ الخطة كما هي مرسومة على الخريطة، بكل تفاصيلها، وبكل دقة وإحكام ودارت واحدة من أشرس المعارك، أستُعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة، وبلغت المعركة قمة ضراوتها عندما اشتبك الفريقان بالسلاح الأبيض. بل إن أبناء العوالق الذين كانوا يحاربون مع الفريق الآخر، فريق دعاة الوحدة الوطنية، ومن شجاعتهم الفائقة واجهوا المدرعات وجهاً لوجه من دون خوف أبداً ، بل وصعد بعض منهم على متنها ، يطعنونها بخناجرهم. لكنهم كانوا يلاقون حتفهم على الفور، من قبل قوات الجيش والأمن والحرس الشعبي والفدائيين .

ولقد تحول جبل ( السوداء ) إلى ما يشبه لون أنهار من البركان فالدماء تسيل بغزارة، ومع شدة الظلام، اختلط مقاتلو الفريقين بعضهم مع بعض وتواجهوا وجها لوجه، واستمر الحال على ما هو عليه، حتى بزغ ضوء صباح اليوم التالي أي يوم ( 4 أغسطس 1968 ) ، وكان أبناء العوالق قد أنهوا انسحابهم، أو بالأحرى انسحاب من تبقى منهم إلى قراهم، وقوات من الجيش والأمن، كانوا قد انضموا إلى دعاة الوحدة الوطنية هي الأخرى بقيادة المقدم الصلب أحمد صالح بن لحمر، كانت قد أنهت انسحابها إلى جبال (الكور)، المشهورة بوعورتها وارتفاعاتها الشاهقة، التي تعد حصناً منيعاً لأي قوة تلجا إليها، بينما انسحبت القوات الحكومية إلى حامية (عتق).

تنبيهٌ: سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية تأخذُ لُبَّ الكلامِ من مُذكّرات اللواء المتقاعد / محمد قاسم بن عليو ، الذي وثَّق سيرته النضالية قبل رحيله عن الدنيا ووثَّق تاريخ الجنوب وأهم أحداثه التي عاشها وعايشها وشارك فيها منذ عام 1952 حتى عام 1990م، وأعادت غرفة البحوث و الدراسات لمركز شمسان للصحافة صياغة المذكراتِ بعباراتٍ موجزةٍ تتوافقُ مع مضمون النص الأصلي للمذكرات.




متعلقات