كنت أقرأ عن أحد العباقرة الذين اكتشفوا أنفسهم متأخرًين وذلك بعد عمر 32 عامًا، بعد أن أقنعه مدير المدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره، عندما قال له: لا تشك لحظة في أنك بمثابة ابني، لكنني سأكون معك صريحًا: قدراتك العقلية لا تسمح لك باجتياز الاختبارات. وبهذا الحنان الكاذب أضاف: الأفضل لك أن تبحث عن مهنة تتعلمها بعيدًا عن التعليم، لأنك في الحقيقة غبي ولا يصلح لك أن تستمر في التعليم. وللأسف، صدّقه الفتى وتقبّل منه هذه النصيحة المغلوطة ، وكان مؤمنًا بأنه غبي، فغادر المدرسة، وعمل في أعمال دنيئة لكسب قوته. وبعد سبعة عشر عامًا من التنقّل والجهد والإحباطات، وفي أحد الأيام وبمحض الصدفة، خضع لأحد اختبارات تقييمات الذكاء. وعلى ضوء النتائج، اكتشفوا أنه يملك ذكاءً عبقرياخارقًا يزيد على 161 وفق اختبارات الذكاء العالمية، رغم أن المطلوب لاجتياز معيار العبقرية هو 132 فقط. وحين أخبروه بالنتيجة تغيّرت نظرته لنفسه، وصار يرى ذاته من العباقرة. وعلى هذا الأساس بدأ يتعامل ويتصرّف بعقلية العبقري، ولذلك حقق نجاحات كبيرة؛ فصار رجل أعمال وكتب العديد من الكتب، ونال العديد من براءات الاختراع، وتم اختياره رئيسًا لمجتمع العباقرة (مينسا العالمي). ولكي تصبح عضوًا في مجتمع منسا العالمي للذكاء، يجب أن لا يقل منحنى ذكائك عن 140. وفي حالته هذه عندما اكتشف عبقريته وتصرف على هذا الأساس، أفاد نفسه والبشرية. فكان يخرج من البيت عبقريًا ويعود إليه عبقريًا، بينما في الماضي، حين تقمّص دور "الغبي"، كان يخرج غبيًا ويعود اليه غبيًا، متصرّفًا بما أملاه عليه مدير المدرسة. خلاصة القول: إن رؤيتك لذاتك هي أهم ما تملكه في منظومة النجاح. وكما قال الكاتب زيغ زيغلر: إن أذهاننا تكمل الصورة، أي صورة نتخيلها عن أنفسنا. فإن رأيت نفسك في القمة، أكمل العقل الصورة فكنت كذلك. وكم من الكلمات التي تسمعها آذاننا بدعوى النصيحة وندفع ثمنها باهظًا! فكم من عبقري أنهى مستقبله بكلمة، وتوقف طموحه نتيجة تصوّر خاطئ من غيره، أو نصيحة كاذبة ربما كان صاحبها يرتدي قناع الحب والصدق والروح الملائكية، لكنه في الأساس حاقدا او غبيا وكان ذلك الفخ هو القبر الذي وقعت فيه، ودفنت فيه نفسك و كل أحلامك وطموحاتك إلى الأبد.
24/9/2025